توْقِيت
أتذَوَّقُ أوَّلَ حَبَّةِ عِنَب في بداية الصّيف؛ فتُسْرِعُ بي إلى فصل الخريف؛ واضِحٌ أنَّ في العلاقَةِ... نَوَايَا.
حَبَّةُ العِنَب
لها رأْسٌ يَسْبقُها! وعُيونٌ في الدَّاخل ! (منْ باب الحَذَرِ ليس إلاّ...) ماذا عن تلك الحبَيْبَات التي بلا بُذور؟
العُنْقود
في البدء بارَكَتْكَ الآلهة، أَوْدَعَتْكَ قُرونَ الخصْب؛ ثم دَعَتْ للكَرْمَةِ، فيكَ، بأَلْفِ شَهْقَةٍ للماء.
هوذا خبرٌ سعيد: انتهى الطُّوفان، ومدَّ نوحٌ يدَهُ، ليغرسَ كرْمَة.
لكُلِّ حبَّةٍ شُعاعُها وماؤها؛ لا أتحدَّثُ الآن عن المَرح، والحبِّ، وقوَّةِ النِّسْيان...
أمِنْ خوفٍ أمْ منْ جوعٍ، تتزاحمُ فيكَ حبَّاتُ العِنَب ؟
الكَرْمة
حبَّاتٌ سُكَّرِيَّةٌ مَرِحة، عُصارَةٌ سَخِيَّة، جِذْعٌ ينْمو، مُسْتَنِدًا بعُقَدِهِ المفْصَليَّةِ إلى حكمةِ الفراغ، وأوْراقٌ مُوارِبَة، تدَّعي سَتْرَ العناقيد العارية...
كلُّ ذلك لأنَّ الكرْمَةَ تعْرضُ أثداءها في العَراء وتُمَدِّدُ أنفاسَها في الخفاء: يفْضَحُها ذلك الشُّعورُ بالتفوُّق؛ وهو ما يميِّز حافظَ السِّر
المُرَوِّضَة
حَبَّاتُ العِنَبِ على كَفِّكِ، بُنَيَّاتٌ مُشْرَئِبَّاتٌ، بأَعْنَاقٍ قصيرة، وأَنْتِ المُرَوِّضَة.
أَعْنَاب أخرى
عِنَب الثَّعْلب، عِنَب الحيَّة، عِنَب الدُّبُ... الكلبُ جدُّهُ الذِّئْب، والقرْدُ الذي رأيتُه آخرَ مرَّةٍ، ما زال حتى الآن قرْدًا... أكُنْتُ أتَحَدَّثُ عن العِنَب ؟
بِنْتُ الكَرْمة
صَهْبَاءُ، شَمُولٌ، صَبُوحٌ، مُشَعْشِعَةٌ... يا لَها منْ أُنْثى تلك الكَرْمَة! منْ عُرْيِها ووقارِها تخرجُ بِنْتٌ لَعُوبٌ، ولها صِفات...
بِنْتُها أيضًا
بين الضُّلوع، تصيرُ الخَمْرَةُ امْرَأَةً؛ بها، نسْعَى، إليها...
ثَرْثَرَةُ جُنَاة
الأرنب الصغير الذي تجمَّد من خوفه هنيْهةً تحت عناقيد العنب، حاول الإفلاتَ من أنطونيو، فانْقضَّ عليه باوْلو: ضرْبَةٌ مُحْكَمَةٌ على مُؤَخَّرة الرأس، وألقى به متشنِّجًا في زوَّادته.
سألني ألْبِرْتو عن أطوار نسائنا، وأشار ليللو إلى كروم العنب: " كنَّا في القرن الإفريقي تحت لواء موسوليني نصطاد زنوج الصّومال والحبشة، واحدًا، واحدًا..." ثم استجمع قبْضَتَهُ وصوَّب السبَّابةَ باتِّجاهي: "هكذا : بُمْ! بُمْ! فيسقطون مثل قرود الأدغال..." كانتْ أصابعه قانيةً من عناقيد العنب.
بلغوا آخرَ الكروم وتركوني.
عيد باخُوس (*)
الاحتفال على أشُدِّهِ. البراميل في كل زاوية وشجرة. الألوان تتدرَّجُ من الحنفيَّات إلى البنات: تذوَّقْناهنَّ جميعًا؛ من " المَزَّةِ القَرْقَفِ " إلى سُيولة الشَّهْد. أما الخنانيصُ الوردية فلم تنضُجْ بعدُ؛ مازالت تدور على المواقد، يضيئُها هُبوبُها؛ أعذاقُ " المايدانوس" (**) تُزيِّنُ أفواهَها، وفي مؤخَّراتها حبَّةُ طماطم...
مع ساعات الفجر الأولى، دقَّ أنْدِريَاس على صدْره مترنِّحًا أمام البوَّابة، مخاطبًا الجمهور الصَّاخب: "في كلِّ يونانيٍّ، يذهبُ الآن، ليَرْقُدَ، باخوسٌ صغير! "
تقرير إلى بَاخُوس
وَصَلَ التَّمْرُ مِنَ الجنوب، والكُرومُ هنا، أَخْبارُها مُفْرِحَة... لكنَّنا لا نَحْتَفِلُ جَهارًا بما بعد العِنَب.
ــــــــــــــــــــــ
(*) باخوس: اله الخمر عند الإغريق.
(**) اسم المعدنوس، أو البقدونس، باليونانية.
شَجَرَةُ المَعْرِفَة
(1)
... وكان أنْ دنا آدم وحوَّاء منْ شجرة التّفَّاح؛ ماذا كان سيحْدُث لو تمَّ كلُّ شيء تحت كرمة العنب؟
(2)
... وعندما عَمَدَا إلى سَتْرِ خطيئة التّفاح بورقة التُّوت، كانت الأمور مفهومةً تمامًا.
كلاَّ؛ بسبب غياب ورقةِ العنب، لم تكنِ الأمورُ مفهومةً تمامًا...
***
عتبات